الثلاثاء، 31 مايو 2011

أنــــا أريد ..... أنـا أقـدر


أنا أريد إذاً أنا قادر ... ولكن شرط أن أعرف ما أريده فعلاً وأن أتخلص من شبح فكرة " لا أقدر". وغالباً ما يحتاج المرء لمن يعينه على تحديد ما يريده فعلاً وعلى التخلص من الفكرة الشبح.
أنا أريد إذاً أنا قادر ... يعني أن أحقق طموحاتي بتسخير عقلي وطاقاته لتحقيقها.
أنا أريد إذاً أنا قادر ... معادلة تتطلب التدرب على الخطوات التالية:
الشفاء من شبح فكرة " لا أقـدر".
إستعادة قدرة التأثير على العالم من حولي وتطويرها.
تطوير القدرة على الربط بين الأحداث ومسبباتها وتسلسلها.
تجهيز الظروف المشجعة لإستقبال الفرص وعدم إضاعتها.
إجتياز المسافة بين الفرصة والصدفة.
تحريك عدوانية الإنجاز غير المؤذية.
الخلاص من القناعة المدمرة " الحظ يخالفني".  

تفيد المقولة الذهبية لديكارت "أنـا أفكر إذاً أنا موجود!" ولكن هل يكفي فعل التفكير كي يستشعر المرء خصوصيته وفرادته وهويته؟. هل تكفي الأفكـار كي نستشعر كينونتنا؟. وماذا عن جسمنا؟. والأهم ماذا عن توظيف أفكارنا وفعاليتها؟. وماذا عن الجهد الذي نحتاجه لتحريك أجسامنا  وغيرها من الجهود غير الفكرية التي لا نستطيع الحياة بدونها؟.
مقولات فكرية عديدة حاولت اكمال المقولة الديكارتية دون نفيها. وهذه المقولات ترى أن شخصية الإنسان وهويته لا تتحدد فقط من خلال الأفكار بل هي تتحدد أيضاً من خلال ميولنا ومن خلال قدرتنا في التأثير. وهنا يعايش الإنسان التجربة الأقسى لوجوده وهي تجربة العجز عن التأثير والذي تختصره كلمة "لا أقدر".
إنتشار شعور العجز... لا أقــدر
يلاحظ الباحثون الإجتماعيون الإنتشار الواسع لمشاعر العجز والشعور بانعدام القدرة اللذان يستتبعان الشعور بالإحباط. كما يلاحظ الباحثون زيادة هذه المشاعر العاجزة في المجتمعات الصناعية والغنية. بل أن الباحث سيلمان (M.Selman) يعتبر هذا العجز مكوناً رئيسياً لحالة تكبيل العقل. حيث الخضوع للبيروقراطية التي تسيرها تركيبة تسلسلية مدروسة (تكنوقراطية) تجعل الأمور محسوبة ومحسومة مسبقاً. وهذا ما يدفع المرء لحالة من الإستسلام لهذه الخطط المحبوكة الهادفة لتسيير العمل والمجتمع بصورة مفروضة مسبقاً. ومن هنا الإنطباع بأن الفرد يخضع لعملية تسيير بالريموت كونترول. وبذلك فان تأثير الشخص على الأحداث وقدرته على التغيير محدودة أو شبه معدومة.
ويمكن تفسير حالات التمرد الفردي والجماعي على أنها ردود فعل على هذا القهر المتمثل بانعدام القدرة والرغبة باكتسابها. لكنننا نلحظ ردود فعل سلبية غالباً على هذا العجز كمثل تناول المهدئات أو المكيفات أو الإنتحار الإحتجاجي.
بعض الباحثين الإجتماعيين يبدون قلقاً على جيل الشباب التي تعاني من غياب المشاريع. فالشباب يحتاج للمبادرة ولأهداف يحددها كي يحققها. وبدون هذه الغايات تفقد حياة الشاب معناها فينغمس في الوجودية العدمية وفي مواقف الرفض. 
العلاقة مع المحيط.... علاقة صراع
نلاحظ أن لدى الطفل إضافة الى حاجته للتكيف مع شروط المحيط رغبة في تغيير هذا المحيط والتأثير فيه. وهو ما ظهر له من خلال نهمه في إستطلاع محيطه المادي والإجتماعي. وأيضاً من خلال تجارب الطفل لإختبار تأثيره على محيطه والناس من حوله وكذلك تجاربه لإمتحان تأثير المحيط عليه. مثال ذلك أن الطفل قد يكسر عفواً أحد الأكواب فإذا ما هو لاحظ غضب الأهل وانزعاجهم فهو يحس بقدرته على التأثير فيهم. وعندها يكسر عمداً كوباً آخر ليختبر قدرته على التأثير فيهم. فإذا ما أبدى الأهل الإنزعاج الذي ينتظره الطفل فإنه يضحك ضحكة المنتصر المؤثر. إنها ضحكة القادر الذي سيقضي حياته باحثاً عنها!. وبالتالي عن قدرته.
فنحن نعيش حياتنا باحثين عن للحفاظ على الأمل وعلى رغبة الفعل. ونحن بحاجة دائمة للتأكد من قدرتنا على التأثير في مجريات الأمور من حولنا. ولعل واحدة من أكبر مسراتنا في الحياة هي شعورنا بأنفسنا كأشخاص قادرين وجديرين. 
يتبع <<

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق